طه حسين وبلاد الحرمين - 29 مارس 2016

صحيفة المدينة

طه حسين وبلاد الحرمين - 29 مارس 2016

2021-10-11    470

في عام 1955م انعقدتْ بمدينةِ جُدة الدورة التاسعة للجنةِ الثقافية بجامعة الدول العربية، برعايةٍ كريمةٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، وقد كان وزيراً للتعليم وقتها، شاركَ في هذه الدورةِ أعلامٌ كبارٌ من مختلف الدولِ العربية، كان من أشهرهم رئيسُ المؤتمر الدكتور طه حسين. ألقى الدكتور طه يوم الافتتاح كلمةً تفيضُ تقديراً للمملكة، أسوق أجزاءً منها كما هي دون تعليقٍ، إذْ هي مُغنيةٌ عن كل تعليق.
قال رحمه الله: «كان الفرنسيون في بعض أوقاتهم يتحدثون عن انتشار ثقافتهم في الأرض، فيقول قائلهم: إن لكل مثقف وطنين، أما أحدهما فوطنه الذي ولد فيه ونشأ، وأما الآخر ففرنسا التي تثقف فيها وتلقى الثقافة عنها. كنا نسمع هذا الكلام ونرى فيه شيئاً من حق، وكثيراً من سرفٍ، ولكن الذي أريد أن أقوله الآن هو الحق كل الحق، لانصيب للسرف فيه من قريب ولا بعيد، فلكل مسلمٍ وطنانِ لايستطيع أن يشك في ذلك شكاً قوياً ولا ضعيفاً: وطنه الذي نشأ فيه، وهذا الوطنُ المقدس الذي أنشأ أمته، وكوّن قلبه وعقله وذوقه وعواطفه جميعاً.
هذا الوطن المقدس الذي هداه إلى الهدى، الذي يسره للخير، الذي عرفه نفسه وجعله عضواً صالحاً مصلحاً في هذا العالم الذي نعيشُ فيه. وأعترفُ أيها السادة بأني حين شرفني مجلس الجامعة العربية لاختياري مشاركاً في اللجنة الثقافية للجامعة ترددت في قبول هذا الشرف؛ لأن فيه أعباءً لاينهض بها إلا أولو العزم، ولكني لم أكد أسمع أن الدورة ستنعقد في هذا الوطن الكريم العزيز حتى أقبلتُ غير متردد ولا محجم، بل أقبلتُ يدفعني الشوق الطبيعيّ الذي تمتلئ به قلوب المسلمين جميعاً مهما تكن أوطانهم، ومهما تكن أطوارهم، فهذا الوطن العزيز الكريم وطنُ العروبة ووطنُ الإسلام. ولهذا الوطن أقدمتُ على قبول هذا الشرف، وأنا أستعين الله على أن يتيح لي أن أنهض بأعبائه». اهـ.
حفظ الله بلادَ الحرمين: المملكةَ العربية السعودية من كل سوءٍ، وردّ عنها كل كيدٍ، وحفظها كما وصفها د.طه حسين: وطناً للعروبة، ووطناً للإسلام، ووطناً ثانياً لكل مسلمٍ على وجه الأرض.


مشاركة :